التمرّدُ على القصيدة: تاريخٌ ومآلات

نُشر في مجلة البيان الكويتية – العدد 605 – ربيع الآخر 1442هـ / ديسمبر 2020م.

إذا أطلقتُ مصطلح “القصيدة”، فإني أعني القصيدة التناظرية ذات البنية الموروثة، التي تُبنى على تفعيلات متساوية في الأشطر، وقوافٍ موحدة. وهي لا تخرج عن البحور الستة عشر وتنويعاتها المتعددة، وتُعرف أيضًا بالقصيدة العمودية.

أما التمرد، ففيه دلالة على الخروج، والعتوّ، والمجاوزة، وربما الطيش والطغيان. فالتمرّد على القصيدة يعني الخروج على نمطها، مصحوبًا بمحاولة بناء بديل جديد، أو مخالفتها في أسسها البنائية.

تاريخ القصيدة مجهول البداية، غير أن الجاحظ يُرجعه إلى نحو مئتي عام قبل البعثة النبوية، إذ قال:

“فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام خمسين ومئة عام، وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار، فمئتي عام”.

ولكن يظل هذا مبنيًا على الظن، فلا يعلم على وجه الدقة متى بدأ الشعر، ولا متى استقر في قوالبه المألوفة.

كما أن تسمية القصيدة بـ “العمودية” غير دقيقة تمامًا، إذ إن “عمود الشعر” كما حدّده المرزوقي، ليس مجرد هيئة عمودية في الكتابة، بل هو اصطلاح أوسع يشمل مقومات شعرية وأسلوبية أعمق.

مشاركة