عبدالله الرشيد ناظمًا

سعود بن سليمان اليوسف

الخيال الشعري من أهم عناصر الشعر، بأثره يسمو، وبه تحدث دهشة المتلقي، وفي ساحته يشترك الشاعر والقارئ في إنتاج الدلالة، وإذا تنازل الشاعر عن الخيال فقد سلب من شعره مؤثراً من أقوى المؤثرات الأدبية، وحينئذ يتساوى الشاعر والناظم.

قرأت كثيراً من شعر عبدالله بن سليم الرشيد، ولا أبالغ إذا قلت: إني قرأت شعره كله غير مرة» وندمت..

ندمت كثيراً أنني قرأت قصائده بعد أن عرفته، فجناية كبرى على شعر الرشيد أن تقرأه بعد أن تكون قد عرفت شخصيته، إن شعره يشبهه كثيراً في رقيّه، وسمو نفسه، وحسبك بهذا الرقي والسمو قيمة شعرية تميزه من كثير من أشعار مجايليه.

ولئن كان أكذبُ الشعر أعذبَه؛ فإنك إذا تعرفت إلى عبدالله الرشيد من كثب ستعرف أن شعره يكاد يفتقد هذه العذوبة؛ فإذا تحدث ف شعره عن كونه كريماً سخي النفس وجدتَ صورة شعرية خيالية مدهشة، سرعان ما تفقد بريقها، إذ تتحول إلى صورة واقعية.

كُثُر هم الشعراء الذين يتحدثون عن سمو أنفسهم؛ إلا أنّ من له أدنى سبب بالرشيد يدرك سموّ روحه، فلا تكاد تراه في أمر إلا مبادراً يأنف أن يكون تابعاً إذا استطاع أن يكون قائداً:

إذا لم أكن للنار أول مُوقِدٍ ***‏ فلا كنتُ ممن يصطلون أوارها

ولهذا فهو يغذي نفسه بطاقةٍ إيجابيةٍ، وها هو ذا في مرحلة النقاهة يتغنى بنفسه!

أعد لي نشيدي لا لأمحو لحنه *** ولكن لأحيا ذكرياتي ترنُّما

وأرسم وحدي لوحة عسجدية *** تفيض على يُبس الحقائق أنجما

وها هو ذا لا ينكسر طموحه في تلك المرحلة، أو يدنو سقفه:

ولم أرضَ حلم الغصن إذ بات نادياً *** وأقصى مناه أن يصيَّر سُلّما

إنه يفرح إذا آنس من يستطيع هو أن يُعينه:

ما منعنا النعيمَ عن مبتغيه *** يأنس الماء إذ يصادف بذرا

ولا يبالي بمن يكون مبتغي النعيم، فالمهمّ أن يبقى هو على سجيته مُتفضلاً:

عَلِمَ الغمام بأن بين ضيوفه *** شوكاً فأغمض مقلتيه وأمطرا

مشاركة