جاهداً يحاول الناقد د. عبدالله بن سليم الرشيد أن يرتقي بالشعر السعودي، من خلال مقالاته النقدية، على أن بيننا شعراءَ يتأبّون أن يأخذوا النقد على أنه توجيه وابداءُ رأي، والمفترض أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضيةً، فما أبرز أستاذَنا المتنبي إلا اختلاف النقاد حوله.
كتب الناقد د. عبدالله الرشيد مقالةً بعنوان (هشيم المحتظر) تناول فيها بعض الدواوين الشعرية التي لم ترقَ إلى المستوى المأمول. من حيث صياغنُها القنية. ولا لغتُها الشعرية، ولا من حيث النحوُ، ولا حتى الاقتدار على الأوزان!! حتى الأوزان؟!
لا أدري كيف خدعني (جراح وانشراح) فأسرعتُ لاقتنائه، تصفّحت أوراقه الصقيلة، لفظتني كلُّ ورقةٍ إلى التي خلفها -أو لفظتُها أنا-، حتى استوقفتني قصيدةٌ بعنوان (الرد المختصر على هشيم المحتظر)!! لم يكن الشاعر فها يَقْرَعُ الحجة بالحجة. وأنّى له ذلك، والنقد لا يفنّد بالشعر ردّاً عليه؟ هجا صاحب هذا الديوان بهذه القصيدة الناقدَ عبدالله الرشيد هجاءً مقذعاً، أهونُ منه لو أنه نفاه!!
من ذلك قوله:
إذا حلّق الصقر فوق الذرى *** تصدّت له بومة بالسباب
إذا نطقت بومةٌ بالخنا *** فليس لها عندنا من جواب
أفّ!! من الذي نطق بالخنا؟ أهو الناقد، أم الناظم؟
لم يكن الناقد مبالغاً حين وصف هذا الأدب بهشيم المحتظر؛ لأن هذا الديوان الذي بين يديَّ يُعدُّ تطوراً فهو الديوان الثالث للشاعر. ومع ذلك فهو يحمل الابتذال الذي يترفّع عنه العاميون كالبيتين الذَين ذكرتُهما، وسطحيةً، مثل:
والناس تعرف قدره مثلي لذا *** بصموا على ما قلته بالعشر
يا من ترون المبتلى بحداثةٍ *** مذمومةٍ، قولوا معي: يا هادي
يا (هادي)!! أهذا الكلام شعرٌ فصيح!