نُشرت صيغته الأولى في مجلة البيان – الكويت، العدد 586، شعبان 1440هـ / أيار (مايو) 2019م
يجدْ التصنيف البيني – ولا سيما في الأدب – من يستعرضْ مدونات التراث العربي أحد الأصلين اللذين سار عليهما القدماء، بل ربما كان التصنيف التخصصيّ فرعًا.
نعم، لقد ابتدأ التصنيفُ تخصصيًّا، كالذي نجده في جمع أشعار القبائل عند أبي عمرو الشيباني وأبي سعيد السكّري، وما نجده في “فحولة الشعراء” المنسوب للأصمعي، وكتب اللغة الأولى له ولغيره، وهي كثيرة، منها: كتاب البئر، وكتاب النخل، وكتاب السلاح، وهلمّ جرًّا.
غير أن التصنيف البيني ضرب بجرانه بعد ذلك، عند أوائل المصنفين الكبار من أهل الأدب، وسوف أضرب مثالين بكتاب “المحبّ” لابن حبيب (ت 245هـ)، فهو تصنيفٌ بينيٌّ جامع؛ ففيه ذكر شيءٍ من سيرة النبي ﷺ، وأخبار العرب، وأنسابها، وأيام الرجال، وتراجم الخلفاء، وأخبار الجاهلية، وقصص الخمر والسكر، ونوادر من التاريخ، ومسائل تتصل بأصل اللغات وأسباب اختلافها، والأزلام، وأصحاب شرط الخلفاء، وأسماء المصلّبين، ومن نُصِب رأسه من الأشراف، وغير ذلك.
يُراد بالتصنيف البيني تقاطعُ المعارف والعلوم في الأثر الواحد، وتداخلها، وأخذ بعضها من بعض، وقد عرّف بعضهم التخصصات البينية بأنها:
“نوع من الحقول المعرفية الجديدة الناشئة من تداخل عدة حقول أكاديمية تقليدية، يهدف إلى دمج المعرفة، والإبداع في طرق التفكير، وتحقيق التكامل.”