في الختام تبدأ الدهشة

دراسة في شعر عبدالله الرُّشَيد

سعود بن سليمان اليوسف

حرص الشاعر العربي على أن يكون مطلع قصيدته وخاتمتها مجوّدين؛ إيماناً منه بأن المطلع هو أول ما يجذب السامع، وأن الخاتمة هي ما يبقى في ذاكرة المتلقي.

وتُعرّف خاقتمة القصيدة بأنها “الفكرة الأخيرة التي سعى الشاعر إلى ختم قصيدته بها، وضمّنها في بيت أو أبيات مستقلة عما قبلها معنى وأسلوباً بحيث يمكن استقلالها عن القصيدة، وربما مازجتها فكرة أخرى، أو احتاجت إلى الفكرة التي قبلها ليتضح معناها، أو ليكتمل أسلوبها”. ويظهر من التعريف أنما قد تكون في بيت، وربما جاءت في أكثر من بيت.

ولقيمة الخاتمة في القصيدة اهتم النقاد بدراستها، وبيّنوا قيمتها العضوية في القصيدة، وأظهروا المستوى الفني الذي ينبغي أن تكون عليه، قال القاضي الجرجاني: “والشاعر الحاذق يجتهد في تحسين الاستهلال والتخلص وبعدهما الخاتمة؛ فإنّها من المواقف التي تستعْطِف أسماعَ الحضور، وتستميلهم إلى الإصغاء”، ويبدو أن كثيراً من النقاد متفقون على أن مما يمنح الخاتمة قيمتها في بناء القصيدة أنما آخر ما يقع في سمع الشاعر -حين كان الشعر يُنشَد-، وأنّها رما كانت أعلقَ في الذاكرة، قال ابن أبي الإصبع: “يجب على الشاعر والناثر أن يختما كلامهما بأحسن خاتمة، فإنها آخر ما يبقى في الأسماع، ولأنها ربما حفظت من دون سائر الكلام في غالب الأحوال فيجب أن يجتهد في رشاقتها ونضجها وحلاوتها وجزالتها”، وأكّد أبو هلال العسكري أن على الشاعر تجويدَ آخر بيت في قصيدته، وأن يكون أدخلَ في المعنى الذي أنشِئت القصيدة من أجله، كما قال العلوي في الطراز قريباً من هذا الكلام.

مشاركة